-A +A
ياسر سلامة
في بدايات القرن الماضي، أمريكا كانت دولة حديثة سريعة التطور عدد سكانها لا يتجاوز الـ 75 مليونا، كان همهم الأول وشغلهم الشاغل الحياة والعيش بعيدا عن المخاطر الصحية المنتشرة في ذلك الوقت، وهي أمراض الدرن، الجدري، الالتهاب الرئوي، والدفيتريا، وغيرها. الدولة الفتية عانى الكثير من سكانها من موت أطفالهم قبل البلوغ، ومتوسط عمر الإنسان حينها كان لا يتعدى الـ 50 عاما.
ومع التطور الاقتصادي والعلمي في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، بدأت الحياة الصحية في التحسن رغم استمرار بعض الأمراض في التواجد بشكل عام، كالسعال الديكي، الحصبة، الدرن، والحمى القرمزية، وانخفض مع هذا التحسن وفيات الأطفال، إلى أن ظهر جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية، ذلك الجيل الذي بدأ يتحدث عن بلوغ ما سمي بالمرحلة الذهبية، وهي عمر الخامسة والستين وما بعده.
وفي منتصف القرن الماضي، بدأت برامج التحصين الجماعية ضد شلل الأطفال.. التحدي الأكبر في حينه للولايات الأمريكية المتسابقة في الكفاح ضد فيروس شلل الأطفال الذي لا يعلم الكثير أنه يصيب الكبار أيضا.
اليوم، هناك لقاحات لما يزيد على 22 حالة مرضية مختلفة، 12 منها تقريبا للأطفال، ما جعل وفياتهم تنخفض بنسبة 95 % عن بدايات القرن الماضي.
على مدى قرن تقريبا من العمل والبحث العلمي الجاد، استطاعت أمريكا تغيير خارطة العالم صحيا، ولا يجب أن نفهم ونأخذ من هذه السطور القشور، بأننا نغني ونروج لأمريكا، فما نحتاجه الهدف، وهو إنجاز شيء ما في تاريخ مستقبلي محدد، ففي الستينيات كان الهدف الإنساني الأكبر هبوط الإنسان على سطح القمر، وقد تحقق بالعمل والبحث الجاد؛ لذلك، أسأل: أين هدفنا الصحي الوطني الذي من المفترض أن يكون قد رسم من عدة سنوات، ننفق ونصرف هنا وهناك قليلا وكثيرا، ولكن دون نقطة في طريق نتمنى الوصول إليها بتوقيت محدد، وبطريقة وخطة محددة.

Y.SALAMAH@HOTMAIL.COM